الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

للرجال فقط 2 - إنه حقا عالم تستوستيروني !!


لو سألتنى عن أكثر مؤثر يوجه دنيا الإنسان فى عصرنا الحالي ، ويصبغها بطوابعها الغريبة والعنيفة والمريبة ، لقلت لك بدون تردد ، إنه ذلك الرسول الهرموني الخشن المسمى بالتستوستيرون !

تتهمنى بالمبالغة ؟! ، بعد قليل ستغير هذا الرأي ، ولكن اصبر ، وتوقف عن عنادك وانفعالك التستوستيروني البغيض .

فلنأخذ على سبيل المثال ، الفضائيات ، والتى تشكل نسبة كبيرة جدا من وعي الإنسان المعاصر ، وجرب أن تشاهد فقرة إعلانات صغيرة فى منتصف مسلسل ما ، ستجدها تحتوى على مالا يزيد عن 142 إعلان ، منهم على الأقل 116 ذات دوافع ومغازى تستوستيرونية واضحة !

ستجد إعلانا عن مشروب كذا غريب اللون والرائحة والطعم ، ويقول فتى الإعلان فيه بكل قوة ، استرجل ...واشرب كذا ، مع أنك قد تشعر بكل شئ أثناء شرب كذا ماعدا الرجولة !! ..ناهيك عن حصر الرجولة – ولو مزاحا – فى تناول هذا المشروب المقزز .

وستجد إعلانا آخرا يظهر فيه شاب ، ينضح وجهه ببراكين تستوستيرونية ثائرة تحت السطح ، ولسانه يتدلى بشكل تستوستيروني مشبوه ، عندما وقعت عيناه على كائن استروجينى حسن الطلعة يفتح فمه بابتسامة مريبة ، لكي يظهر صفين من الأسنان اللؤلؤية اللامعة شديدة البياض نتيجة لاستخدامه معجون الأسنان الفلاني موضوع الإعلان !

وستجد إعلانا ثالثا يظهر فيه شاب وسيم ، مفعم بالمظاهر التستوستيرونية التى تستهوى أغلب الكائنات التى يغلب عليها الاستروجين ، مثل شعر الصدر الكثيف والنظرة الرجولية الحادة وعضلات الصدر النافرة وعضلات الذراع التى تكاد تمزق كم القميص ، والبطن ذات التقسيمات الهندسية البارعة .

تسألنى كيف رأيت عضلات بطنه ؟؟  يالك من ساذج ! ، القميص بالطبع مفتوح ! ، أم أنك تريده أن يغلق أزار القميص بعد عناء سنوات من التدريب فى الجيم ؟؟ .. تبا لك !

الشاهد ، أنه ما إن يضع – فى الإعلان – البارفان الفلانى موضوع الإعلان ، فإن الشاشة تضج بأنهار من الاستروجين تندفع نحوه بجنون ، وكأنه آخر ذكر على وجه الأرض ! .. ثم ينتهى الإعلان بصوت سخيف يقول بكل ثقة  : عبق جديد للرجولة !!

ناهيك عن إعلان الشيبسى الذى يظهر فيه ما لايقل عن 197 راقص وراقصة ، يعبرون بشكل مريب وغير مبرر عما اعتراهم بمجرد تناول قطعة واحدة من هذا الشيبسى المقرمش !

ولا ينبغى أن ننسى إعلان اللبان الذى يظهر فيه مجموعة من الفتيات وهن يمضغن قطع من هذا اللبان بشكل لا يقل ريبة عن الإعلان السابق ، ولسان حالهن – وإن عجز لسان المقال عن قول هذا نظرا لوجود اللبان فى فمهن ! – يقول : لو عندك بقايا من الكروموسوم واي فى أنوية خلاياك أو نقطة تستوستيرون واحدة فى دورتك الدموية   ، يبقى لازم تشترى اللبان ده فورا !!

تقول إن هذا عائد إلى أن الإعلانات تافهة وساذجة ؟؟
فما رأيك إذا فى نشرات الاخبار ؟؟

ما المنطق فى أن تخرج علينا مقدمة نشرة الأخبار بمكياجها الكامل وكأنها فى غرفة نوم زوجها  وهي ترتدى ما يصلح أن يكون فستانا سهرة ، لتنقل لنا أخبار أمتنا المأساوية ، من قبيل : انفجرت سيارة مفخخة فى بغداد مخلفة 50 قتيلا و150 جريحا ! ( لن أستعجب إذا علق أحد الشباب خاصة  العازبون ، على هذا الخبر قائلا : 50 قتيل بس ؟؟!! ، نخليهم 100 ولا 150 عشان خاطر عيونك يا جميل يا  ..تيييييييييييييييييييييييت ! )

إنه منطق التستوستيرون يا عزيزى ! ، والذى يتاجر بمنتهى الدهاء ، بسذاجة صاحبات الاستروجين ، ويدفعهن دفعا - بإرادة منهن حمقاء - إلى إرضاء نزواته الشهوانية عند كل فرصة سانحة !

ناهيك عن مواقع الأفلام الإباحية التى تنافس - وتتفوق عليها أحيانا - أكبر مواقع الثقافة والأخبار والدين والرياضة  فى عدد الزيارات اليومية ، وفى عدد مرات البحث عنها على محركات البحث الكبرى .

ناهيك عن مليارات النظرات الحارقة التى يطلقها ملايين الذكور فى العالم يوميا على أجساد الإناث ! ، وما ينجم عنها من الملايين من التحرشات والممارسات التى لاتجوز  من كافة الأصناف والأشكال والمستويات ، تبعا لنظرية :

نظرة فابتسامة فسلام ـــ فكلام فموعد فلقاء فـ .. تيييييييييييييييت
( عذرا أمير الشعراء  ! )

والتى طورها الكثير من الشباب إلى :
نظرة فـ تييييييييييييييييييييييت !!

وأحيانا :

تييييييييييييييييييت  من أولها !



إنه فعلا عالم تستوستيروني !!


تأليف محمد صلاح قاسم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق